وفاة جيم لوفيل- بطل أبولو 13 الذي ألهم العالم بشجاعته

المؤلف: واشنطن ـ الفرنسية09.18.2025
وفاة جيم لوفيل- بطل أبولو 13 الذي ألهم العالم بشجاعته

فقد عالم الفضاء بريقًا، إذ رحل عن عالمنا جيم لوفيل، القائد الملهم لمهمة «أبولو 13» القمرية الشهيرة، عن عمر يناهز 97 عامًا. لقد كانت مهمة «أبولو 13» رحلة محفوفة بالمخاطر، حيث نجا لوفيل وطاقمه بأعجوبة من كارثة كادت تودي بحياتهم، في عملية إنقاذ تاريخية حبست أنفاس العالم أجمع. أعلنت وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» عن نبأ وفاته يوم السبت، مؤكدة فقدان رمزًا من رموز استكشاف الفضاء.
أشارت «ناسا» في بيان رسمي إلى أن لوفيل، الطيار السابق في سلاح البحرية الأمريكية، الذي تحول إلى شخصية مرموقة في سجلات تاريخ الفضاء، قد وافته المنية في ولاية إيلينوي يوم الجمعة. رحيله يمثل خسارة فادحة لمجتمع الفضاء والمحبين لاستكشاف الكون.
وشددت وكالة الفضاء الأمريكية على أن «حياته وإنجازاته كانت مصدر إلهام لملايين الأفراد على مر العقود»، وأثنت على «شخصيته الاستثنائية وشجاعته التي لا تعرف الكلل». لطالما كان لوفيل مثالًا يحتذى به في الإصرار والتفاني.
أعرب الممثل القدير توم هانكس، الذي تقمص شخصية رائد الفضاء الأسطوري على الشاشة الفضية، عن حزنه العميق في منشور مؤثر على حسابه في إنستجرام، قائلًا: «هناك أناس يتحلون بالجرأة، ويحلمون بالنجوم، ويقودون الآخرين إلى آفاق لم يكونوا ليبلغوها بمفردهم. جيم لوفيل... كان بلا شك واحدًا من هؤلاء العظماء». كلمات هانكس تعكس التأثير العميق الذي تركه لوفيل في قلوب الكثيرين.
شارك جيم لوفيل في رحلتين تاريخيتين إلى القمر، إلا أنه لم يخطُ بقدميه على سطحه. ومع ذلك، حفر اسمه بأحرف من نور في سجل التاريخ، وذلك بمشاركته البطولية في واحدة من أشهر رحلات الفضاء خلال حقبة السباق المحموم نحو القمر إبان الحرب الباردة.
انطلقت مهمة «أبولو 13» في الحادي عشر من أبريل عام 1970، بقيادة جيم لوفيل، ومشاركة رائدي الفضاء المتميزين فريد هايس وجاك سويجرت، وذلك بعد مضي تسعة أشهر على الخطوات الأولى الخالدة التي خطاها نيل أرمسترونج على سطح القمر.
كان من المقدر لهذه المهمة أن تمر دون أن تثير ضجة كبيرة، إلا أن القدر شاء لها أن تكون نقطة تحول، وذلك بسبب الانفجار الذي وقع في خزان الأكسجين أثناء الرحلة.
من رحم هذا الحادث المروع، ولدت العبارة الشهيرة التي تردد صداها في جميع أنحاء العالم: «هيوستن، لدينا مشكلة، هيوستن، لدينا مشكلة»، والتي تفوه بها رواد الفضاء في مركز قيادة ناسا في تكساس، معلنين عن بداية أزمة غير مسبوقة.
وجدت الولايات المتحدة الأمريكية، التي كانت تنظر إلى هذه الرحلات على أنها إجراء روتيني، نفسها فجأة أمام مأساة غير مسبوقة، حيث كان ثلاثة رجال شجعان يواجهون خطر الموت المحقق في الفضاء السرمدي.
بفضل رباطة جأش جيم لوفيل، واحترافية فريق ناسا وتفانيهم، والحلول المبتكرة التي توصلوا إليها، نجا الثلاثة بأعجوبة، وعادوا سالمين إلى الأرض بعد أن حولوا الوحدة القمرية إلى ما يشبه قارب النجاة المؤقت.
نُقلت هذه العملية المحفوفة بالمخاطر على الهواء مباشرة إلى جميع أنحاء العالم، ثمّ تحولت إلى فيلم سينمائي ناجح بعنوان «أبولو 13»، عُرض في عام 1995، وقام ببطولته توم هانكس، وشارك فيه لوفيل نفسه بدور صغير.
هذه المغامرة البطولية، التي نال فيها رائد الفضاء وسام الشرف الرفيع، كلفته حلمه الأبدي بالهبوط على سطح القمر، فالرجل الذي كان من المقرر أن يخطو بقدميه على القمر خلال مهمة «أبولو 13»، وهي ثالث مهمة تتيح للبشر وضع أقدامهم على سطحه، لم تسنح له الفرصة للعودة إلى الفضاء مرة أخرى.
تقديرًا لإسهاماته القيمة، قام الاتحاد الفلكي الدولي بتسمية فوهة صغيرة على سطح القمر باسم جيم لوفيل في عام 1970، تخليدًا لذكراه وإنجازاته.
وُلد جيم لوفيل في الخامس والعشرين من مارس عام 1928 في كليفلاند بولاية أوهايو، وخدم كطيار متميز في سلاح البحرية الأمريكية قبل أن ينضم إلى وكالة ناسا.
كان من بين أوائل رواد الفضاء الذين قاموا بالدوران حول القمر، وشاهدوا عن كثب منظر «شروق الأرض» المهيب، وهو اسم مستوحى من الصورة الشهيرة التي التُقطت في ديسمبر عام 1968، والتي تُظهر كوكبنا الأزرق وهو يطل من بين طيات الظلام الدامس للفضاء.


سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة